الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن **
قال الترمذي: وإلى هذا الحديث ذهب أكثر أهل العلم في توريث ذوي الأرحام، واحتجوا أيضًا بما رواه أبو داود، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النَّبي صلى الله عليه وسلم، أنه جعل ميراث ابن الملاعنة لأمه ولورثتها من بعدها: وفيه ابن لهيعة. قال مقيده ـ عفا الله عنه ـ: أظهر الأقوال دليلًا عندي، أن الخال يرث من لا وارث له، دون غيره من ذوي الأرحام، لثبوت ذلك فيه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم بالحديثين المذكورين دون غيره، لأن الميراث لا يثبت إلا بدليل، وعموم الآيتين المذكورتين لا ينهض دليلًا. لقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه" كما تقدم. فإذا علمت أقوال العلماء، وحججهم في إرث ذوي الأرحام وعدمه، فاعلم أن القائلين بالتوريث: اختلفوا في كيفيته، فذهب المعروفون منهم بأهل التنزيل، إلى تنزيل كل واحد منهم منزلة من يدلى به من الورثة، فيجعل له نصيبه، فإن بعدوا نزلوا درجة درجة، إلى أن يصلوا من يدلون به، فيأخذون ميراثه، فإن كان واحدًا. أخذ المال كله، وإن كانوا جماعة، قسم المال بين من يدلون به، فما حصل لكل وارث جعل لمن يدلى به، فإن بقي من سهام المسألة شيء، رد عليهم على قدر سهامهم. وهذا، هو مذهب الإمام أحمد، وقو قول علقمة، ومسروق، والشعبي، والنخعي، وحماد، ونعيم، وشريك، وابن أبي ليلى، والثوري، وغيرهم؛ كما نقله عنهم ابن قدامة في (المغني). وقال أيضًا: قد روي عن علي، وعبد الله ـ رضي الله عنهما ـ: أنهما نزلا بنت البنت منزلة البنت، وبنت الأخ منزلة الأخ، وبنت الأخت منزلة الأخت، والعمة منزلة الأب، والخالة منزلة الأم، وروي ذلك عن عمر ـ رضي الله عنه ـ في العمة، والخالة. وعن علي أيضًا: أنه نزل العمة منزلة العم، وروي ذلك عن علقمة، ومسروق، وهي الرواية الثانية عن أحمد، وعن الثوري وأبي عبيد: أنهما نزلاها منزلة الجد مع ولد الأخوة والأخوات، ونزلها آخرون منزلة الجدة. وإنما صار هذا الخلاف في العمة: لأنها أدلت بأربع جرت وارثاث: فالأب والعم أخواها، والجد والجدة أبواها، ونزل قوم الخالة منزلة جدة: لأن الجدة أمها، والصحيح من ذلك تنزيل العمة أبًا، والخالة أمًا. اهـ. من (المغني). وذهبت جماعة أخرى ممن قال بالتوريث ـ منهم أبو حنيفة، وأصحابه ـ إلى أنهم يورثون على ترتيب العصبات، فقالوا: يقدم أولاد الميت وإن سفلوا، ثم أولاد أبويه أو أحدهما وإن سفلوا، ثم أولاد أبوي أبويه وإن سفلوا، وهكذا أبدًا لا يرث بنو أب أعلى وهناك بنو أب أقرب منه؛ وإن نزلت درجتهم. وعن أبي حنيفة: أنه جعل أبا الأم ـ وإن علا ـ أولى من ولد البنات، ويسمى مذهب هؤلاء: مذهب أهل القرابة. تم بحمد الله تفسير سورة الأنفال
|